أفضل تحليل لنص سيغموند فرويد "فرضية اللاشعور"
![]() |
فرضية اللاشعور |
يدخل نص فرضية اللاشعور ضمن الكتابات السيكولوجية، ويعود لعالم النفس النمساوي سيغموند فرويد، وسنحاول من خلال هذا المقال تقديم تحليل ومناقشة لهذا النص الذي يندرج ضمن الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة، للسنة الأولى بكالوريا، شعبة العلوم التجريبية، وهو ضمن محور الوعي واللاوعي من مفهوم الوعي، ضمن مجزوءة ما الإنسان؟، وللإشارة أن هذا التحليل حتى لو كان يبدو هو الأفضل، فهذا لا يعني أنه يغني عن الدروس التي يقدمها الأستاذ في حجرة الدرس، وبالتالي فهذا التحليل فما هو سوى تحليل ومناقشة لنص سيغموند فرويد "فرضية اللاشعور" من أجل الاستئناس فقط.
محتويات الموضوع
- تقديم لمحور الوعي واللاوعي.
- تحليل نص "فرضية اللاوعي" لعالم النفس سيغموند فرويد .
- البنية المفاهيمية لنص سيغموند فرويد.
- تحليل أفكار نص فرضية اللاشعور.
- إشكال نص سيغموند فرويد.
- أطروحة نص فرضية اللاشعور.
- البنية الحجاجية لنص سيغموند فرويد.
- مناقشة موقف سيغموند فرويد.
- موقف ألان (إميل شارتيي) حول فرضية اللاشعور.
- خلاصة لمحور الوعي واللاوعي.
تقديم لمحور الوعي واللاوعي
إن الكوجيطو الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" يكرس لفكرة ظلت سائدة عبر تاريخ الفكر الفلسفي، وهي أن ماهية الإنسان تتحدد بالوعي، بمعنى الوعي يظل ملازما لوجود الانسان، وهذا ما عبر عنه الفرنسي رونيه ديكارت من خلال قوله: "متى انقطعت عن التفكير انقطعت عن الوجود"، لكن في مقابل ذلك نجد عالم النفس النمساوي سيغموند فرويد، زعيم مدرسة التحليل النفسي، يقر بأن الوعي هو مجرد جزء ضيق يخفي خلفه حياة بأكملها يسميها اللاشعور، يشبهها فرويد بكتلة جليدية عائمة على سطح الماء، ما يتفي منها أكبر بكثير مما يبدوا، وليس الجزء سوى ذلك الجزء الضئيل من حياتنا النفسية، فما المقصود باللاشعور؟ وما علاقته بالوعي (الشعور)؟ ومن المتحكم في الحياة النفسية للإنسان؟ هل الشعور هو المتحكم أم اللاشعور؟.
شاهد أيضا
تحليل نص "فرضية اللاشعور" لعالم النفس سيغموند فرويد
سيغموند فريد ولد سنة 1856م وتوفي سنة 1936م، هو طبيب أعصاب نمساوي من أصل يهودي، وهو مؤسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث، اهتم بدراسة الطب العصبي، اشتهر بفرضية اللاوعي، أرجع العديد من الاضطرابات النفسية إلى عوامل جنسية، لكن ذلك عرف انتقادات لاذعة في المراحل اللاحقة، ألف العديد من الكتب نذكر منها: تفسير الأحلام، قلق في الحضارة، مستقبل وهم، موسى والتوحيد، الشدود الجنسي، ثلاث مقالات في النظرية الجنسية، خمس محاضرات في التحليل النفسي، النرجيسية الجنسية، الطوطم والطابو وغيرها من المؤلفات.
البنية المفاهيمية لنص سيغموند فرويد
تتأسس الأطروحة خاصة والنص عموما على بنية مفاهيمية، تندرج ضمن مجال علم النفس عامة، والتحليل النفسي خاصة، ولفهم وتحليل أطروحة سيغموند فرويد من الواجب الوقوف عند هذه البنية المفاهيمية ولعل أبرز هذه المفاهيم نجد المفاهيم الآتية:
الشعور (الوعي): يحيل على الجانب الواعي من العمليات العقلية السيكولوجية.
اللاشعور (اللاوعي): يأتي في مقابل الشعور، ويعتبره فرويد الأساس العام للحياة النفسية والمنطقة الأوسع التي تضم بين جوانبها الشعور، وهو ذو طبيعة خفية يتكون من الميولات والرغبات والخبرات المكبوتة التي تتحين الفرص من أجل التعبير عن نفسها، وهو ما يحصل في الأحلام، فلتات اللسان، زلات القلم...،
الحلم: هو التصوير الرمزي للجسد، ناتج عن تخيلات لا شعورية،
المخاوف الهستيرية: هي عبارة عن اضطرابات نفسية عصابية تعبر عن علاقات اضطراب في شخصية الفرد وهي تعبيرات جسدية.
تحليل أفكار نص فرضية اللاشعور
اعتمد صاحب النص جملة من الأفكار التي شكلت لبنات أساسية في بناء هذا النص، ومن أهم هذه الأفكار نجد ما يلي:
إن من الجوهري ألا نبالغ...: تحيل كلمة الجوهري على الجوهر Essence، والذي يعني الحقيقة، وبالتالي فهو يريد أن يقول بذلك بأنه إذا أردنا أن نعرف حقيقة السلوك الإنساني لا ينبغي أن نعطي القيمة الكبرى للوعي أو الشعور في تفسير ذلك السلوك، لأنه لا يمثل سوى حيز ضيق في الحياة النفسية للفرد، أما اللاشعور فهو أوسع منطقة في ذلك، لكننا نجهل عن منطقة اللاشعور الكثير من الأمور.
إن للحلم LE Rêve علاقة وطيدة بحياة الفرد وبرغباته اللاشعورية المكبوتة، وعلى رأسها الرغبات الجنسية، وبذلك فهناك ارتباط وثيق بين الحلم واللاشعور، وقد عبر عن ذلك بقوله "الحلم هو الطريق الملائكي إلى اللاشعور Le Rêve esl la voie Royale de l'inconscient".
إن الهستيريا La Hystérie كشكل من أشكال الإضطرابات النفسية العصابية، هي دليل على وجود اللاوعي أو اللاشعور، لأن الهستيري يعاني من نوبات عصبية شديدة إلى حد أنها قد تسبب أحيانا الشلل أو الصمم، وهذا النوع من الأمراض النفسية لا يخضع في نظر فرويد لرقابة الوعي بل برتبط باللاوعي.
إشكال نص سيغموند فرويد
إن نص سيغموند فرويد يحاول أن يجيبنا على إشكال أساسي ومركزي يمكن التعبير عليه بالصيغة التالية: ما أساس الحياة النفسية للفرد هل الشعور ام اللاشعور؟.
أطروحة نص فرضية اللاشعور
ينتهي سيغموند فرويد في مشروعه عامة ونصه هذا خاصة إلى اعتبار اللاشعور هو أساس الحياة النفسية للإنسان وهو المتحكم فيها، فاللاشعور هو المحرك الأساسي للسلوك الإنساني، ولا يمثل الوعي سوى جزء ضيقا ومظهرا سطحيا للحياة النفسية للإنسان، ولا يمكن تفسير هذا الحيز الضيق إلا بالرجوع المنطقة الأوسع والأكب وهي اللاشعور، فوراء كل فعل أو سلوك دوافع لاشعورية نجهل حقيقتها في أغلب الأحيان، لهذا يرى فرويد أن السبيل لمعرفة اصل الحياة النفسية، يستدعي التراجع عن إعطاء الأهمية في التحليل للوعي أو الشعور.
البنية الحجاجية لنص سيغموند فرويد
إن الأطروحة هي موقف يقتضي بالضرورة الدفاع عنه بالحجج والبراهين، وفي هذا السياق نجد سيغموند فرويد من خلال هذا النص وظف مجموعة من الأساليب الحجاجية واللغوية لإقناعنا بموقفه، وهي نفسها الأساليب التي شكلت الهيكل الاستدلالي لأطروحته من أهمها: أسلوب الدحض والنقد: بحيث عمل على دحض ذلك التصور الذي يعطي القيمة للوعي في تفسير سلوكاتنا، ففي ذلك مبالغة في تقدير خاصية الشعور في نظره، ثم أسلوب الافتراض: بحيث افترض بأن اللاشعور هو الاساس العام للحياة النفسية للفرد، وبعد ذلك لجأ إلى أسلوب العرض والتفسير: بحيث عمل على تفسير موقفه حول اللاشعور كأساس للحياة النفسية، فجعل نه أوسع منطقة تضم بين جوانبها الشعور، ثم استعان بأسلوب المثال: لذلك نجده يتحدث عن الأحلام والمخاوف الهستيرية باعتبارها مرتبطة بشكل وثيق بالحياة اللاشعورية.
مناقشة موقف سيغموند فرويد
إن ما جاء به سيغموند فرويد في هذا النص حول فرضية اللاشعور، له قيمة فكرية وأهمية تاريخية، لأن تلك الفرضية شكلت تحولا نوعيا في فهم حقيقة الحياة النفسية للفرد وفك شفراتها، بل ساهمت في فهم السلوك الإنساني السوي والمرضي، بل مثل هذا التصور تجاوزا للتصور الفلسفي التقليدي الذي جعل من الوعي أسمى أشكال التفكير، بل جعله أساس الوجود، وهو التصور الذي يمثله الفرنسي رونيه ديكارت، ويعبر عن ذلك من خلال قوله "أنا أفكر إذن أنا موجود"، وبالتالي فمتى كان الإنسان يفكر كان موجودا، ومتى انقطع عن التفكير انقطع عن الوجود، وبالتالي فقد تجاوز فرويد كل من التصور الفلسفي والنفسي التقليدي للوعي مقترحا تصورا جديدا لحياة الانسان النفسية، والذي يتمثل في فرضية اللاشعور، لكن مع ذلك فهذه الفكرة قد تعرضت للعديد من الانتقادات، وهو ما سنراه مع الفيلسوف الفرنسي ألان (إميل شارتيي).
موقف ألان (إميل شارتيي) حول فرضية اللاشعور
لقد ذهب ألان في كتابه مبادئ الفلسفة إلى الاقرار بأن فرضية اللاشعور غير قادرة على تفسير كل ما يصدر عن الإنسان من سلوكات، لأن تفسير السلوك الانساني هي مهمة الوعي الذي ترجع إليه كل الأفكار والقرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، فلا وجود لكيان خارج سلطة الوعي، لذلك فهو يعتبر الفرويدية هي فن إبداع الحيوان المخيف الذي هو اللاشعور، فإذا كان فرويد يرى أن الأحلام هي الطريق الملائكي إلى اللاشعور، فألان يرى الوعي هو الذي يمنح لهذه الأحلام نظامها الرمزي، وهكذا ينبه ألان إلى كون أن الإنسان هو كائن غامض بالنسبة لنفسه، لكن هذا الغموض لا ينبغي أن يقودنا إلى إبداع كائنات غريبة عن الذات، يقصد بذلك اللاشعور.
خلاصة لمحور الوعي واللاوعي
يتبين مما سبق أن الإنسان وبحكم تركيبته (فكر وجسد) وعي وإرادة ودوافع بيولوجية، ينطوي على عنصرين يمارس كل واحد منهما التأثير على الآخر، وهما الوعي واللاوعي، ورغم هذا التأثير المتبادل فهو لا يقلل من أهمية الوعي لدى الإنسان، فرغم الاضطرابات والعقد النفسية التي تصيب سلوك الانسان أحيانا، فالانسان قادر على معالجة ذاته عن طريق الوعي، عكس الحيوان الذي يظل مكتوف الأيدي أمام ما يصيب بدنه من اضطرابات، فإذا كان السلوك أحيانا غامضا وغير واضح لوعينا، فذلك لا يعني هزيمة الوعي وسيطرة اللاوعي على هذا السلوك، وإنما لحظة فتور تزول مباشرة بعد استرجاع الانسان قواه الواعية.
اقرأ المزيد