أفضل تحليل لنص "الفلسفة وقواعد المنهج" للفرنسي رونيه ديكارت
 |
| الفلسفة وقواعد المنهج |
محتويات الموضوع
- السياق التاريخي للفلسفة الحديثة.
- تقديم عام للفلسفة الحديثة.
- تحليل النص ص 28 "الفلسفة وقواعد المنهج".
- من هو الفيلسوف رونيه ديكارت.
- البنية المفاهيمية لنص "الفلسفة وقواعد المنهج".
- إشكال نص رونيه ديكارت.
- أفكار نص "الفلسفة ....".
- أطروحة نص رونيه ديكارت (الفكرة العامة).
- البنية الحجاجية لنص.
السياق التاريخي لظهور الفلسفة الحديثة
إن استيعاب أية فلسفة أو حقبة فلسفية لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الشروط التاريخية لهذه الأخيرة، لذلك لا يجب أن نغفل بأن الفلسفة الحديثة ستقوم بثورة على ما كان سائدا في العصور الوسطى (تكفير الفلاسفة، سيطرة الكنيسة، إعدام العلماء...)، سعيا نحو جعل العقل هو أساس التفكير، واعتبار الانسان موطن الحقيقة والمعرفة، ليصبح بذلك العصر الحديث عصرا للحرية والإستقلالية الفردية عوض السيطرة والخنوع والتبعية، وهذه المبادئ ليست وليدة الصدفة بل تظافرت مجموعة من العوامل والشروط التي مهدت لعصر العقل وحرية الإرادة والإستقلالية، يمكن لأن نذكر منها:
شاهد أيضا
العامل الديني: يتجلى العامل الديني في ظهور حركة الإصلاح الديني في ألمانيا مع مارتن لوتر، وفي فرنسا مع جان كالفن، وفي انجلترا مع هنري الثامن، وهي حركة كانت تسعى إلى تحرير الفرد من هيمنة الكنيسة، لذلك انصب اهتمامها على مراجعة ومساءلة النصوص المقدسة (الأناجيل)، فخلصت إلى وضع بنود وقواعد للإيمان لا تقوم على الخضوع والهيمنة لسلطة الكنيسة، بل تقوم على الحرية والإستقلالية.
العامل السياسي: يتجلى هذا العامل خاصة في فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية، وبذلك تحررت الدولة من الهيمنة الكنسية، وهكذا لم تعد الكنيسة تحتكر مهمة تربية الأجيال.
العامل العلمي: يتجلى هذا العامل في التقدم الكبير الذي عرفه مجال علم الفلك والرياضيات، خاصة ما يتعلق بالثورة الكوبرنيكية، بحيث تم الإنتقال من النظام الكوني البطليموسي (بطليموس) والأرسطي، الذي يقر بمركزية الأرض ودوران الشمس حولها، وهو نفسه التفسير العلمي الذي كانت تتبناه الكنيسة، لأنه كان مؤيدا للتفسيرات اللاهوتية، إلى نظام كوني جديد يجعل من الشمس في المركز ومن الأرض تتحرك.
العامل الإنساني: ظهور حركة علمية وفكرية وفنية أعادت الاعتبار للإنسان، فهي حركة تمجده لتميزه بالعقل، وسميت بالحركة الإنسية، حركة جعلت من الإنسان أساس كل دراسة وتفكير، ومن أبرز ممثلي هذه الحركة على المستوى الفكري هو الفرنسي فرنسوا رابلي (1494، 1553)، والذي انصب اهتمامه على إحياء التراث اليوناني القديم، كما نجد ديدي ارازم (1469،1536)، الذي اهتم بالحرس على تعلم اللغات كالعربية واليونانية والعبرية.
تلك هي أهم العوامل وأبرزها التي ساهمت في نشأة الفكر الفلسفي في العصر الحديث، ولعل أبرز مدشني الفلسفة الحديثة هو الفرنسي رونيه ديكارت، الذي يعتبر أب الفلسفة الحديث، أو بتعبير آخر الأب الروحي للحداثة، فمع ديكارت أصبحنا أما فلسفة جديدة، فلسفة متعالية عن التفسيرات الدينية اللاهوتية، بل هي فلسفة تسعى إلى التمرد على هذه التفسيرات الجاهزة، فالفلسفة الديكارتية فلسفة جعلت من العقل أساس لها.
تقديم عام للفلسفة الحديثة
ظهرت في أوروبا حركة ثقافية كبرى أعقبت العصور الوسطى، سميت بحركة النهضة، في هذه الفترة حدثت مجموعة من التحولات على مستويات عدة منها الدينية العلمية وغيرها، هذه التحولات شكلت عوامل مباشرة لظهور الفلسفة الحديثة التي تسعى إلى إحداث قطيعة مع الماضي وتأسيس عهد جديد يقوم على جهاز مفاهيمي جديد، ومادام هذا العهد يتميز بسيادة النزعة الإنسية التي أعادت الإعتبار للعقل البشري، واعتقدت في قدرته على فهم الطبيعة والسيطرة عليها وتسخيرها لصالح الإنسان، بمعنى أن إشكال الفلسفة الحديثة أصبح إشكالا معرفيا، يتجلى في إمكانية بناء المعرفة وحدودها، وبالتالي ضرورة تحديد منهج مناسب قادر على مساعدتنا على إدراك المعرفة، من هنا ظهر فرنسيس بيكون الإنجليزي الذي يؤيد المنهج التجريبي، ثم الفرنسي رونيه ديكارت الذي منح للأنا المفكر أهمية كبرى، وذلك ما يوضحه قوله "أنا أفكر إذن أنا موجود"، إضافة إلى العديد من الفلاسفة الذي ساهموا في تطوير الفلسفة الحديثة من أبرزهم اسبينوزا لايبنتز، جون لوك، دافيد هيوم، إيمانويل كانط، هيجل...
تحليل نص "الفلسفة وقواعد المنهج" لرونيه ديكارت ص 28
بداية من هذه الفقرة سنحاول العمل على تحليل نص الفرنسي رونيه ديكارت، الفلسفة وقواعد المنهج، الذي يوجد ضمن كتاب في رحاب الفلسفة ص 28، ضمن مجزوءة الفلسفة، المحور الثاني محطات من تاريخ تطور الفلسفة، وسنحاول من خلال هذا التحليل الوقوف عن التعريف بصاحب النص، ثم العمل على استخراج أهم المفاهيم التي توجد في نص رونيه ديكارت، ثم تحليل أفكار النص، وبعدها سنعمل على صياغة الإشكال المركزي الذي يجيب عنه النص، ثم صياغة أطروحة النص التي تمثل فكرة عامة بالمعنى الشائع، وفي الأخير الوقوف عند البنية الحجاجية للنص، وتجدر الإشارة بأن هذا الموضوع لا يغني عن الدروس التي يقدمها الأستاذ في حجرة الدرس، بل هذا الموضوع هو فقط من أجل الاستئناس.
من هو رونيه ديكارت
رونيه ديكارت فيلسوف وعالم رياضيات فرنسي، ولد سنة 1596م وتوفي سنة 1650م، أي عاش خلال القرن 17 م، يعتبر ديكارت مدشنا لحقبة جديدة في التفكير الفلسفي، وهي الفلسفة الحديثة، ويعتبر زعيم النزعة العقلانية في العصر الحديث بحيث يعتبر أن العقل هو أساس بناء المعرفة، ومن مؤسسي الرياضيات الحديثة، فقد كان يسعى إلى وضع أسس متينة للمعارف البشرية، من خلال وضع منهج فلسفي يقوم على قواعد صارمة تقود إلى الحقيقة واليقين، من أهم مؤلفاته: "مبادئ الفلسفة"، "تأملات ميتافزيقية"، "انفعالات النفس"، مقال في المنهج".
مفاهيم نص "الفلسفة وقواعد المنهج"
اعتمد الفرنسي رونيه ديكارت في بنائه لنص الفلسفة وقواعد المنهج على جملة من المفاهيم التي شكلت لبنات أساسية في تأتيت ذلك النص والتي يمكن حصرها في الآتي:
العقل: ويقصد به عامة الخاصية التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى، وهو ملكة للحكم والتمييز بين الخير والشر بين الصواب والخطأ... تهدف إلى قيادة الذات نحو بلوغ الحقيقة، وهو في نظرديكارت نور فطري يتضمن أفكارا فطرية، ويعتبره أعدل قسمة بين الناس.
المنهج: هو مجموع القواعد التي يتبعها العقل ويستند إليها لبلوغ الحقيقة اليقينية لموضوع ما، وتجنبه الوقوع في الخطأ، وبمعنى آخر هو الطريقة التي تسلكها الذات العارفة للوصول إلى حقيقة موضوع المعرفة اعتمادا على قواعد عقلية، وبذلك فمنهج ديكارت منهج عقلي.
البداهة (البديهية): هي كل قضية واضحة ومتميزة بذاتها، والتي لا تحتاج إلى حجة أو برهان، وبالتالي لا يمكن أن توضع موضع شك، لأنه لا التباس فيها ولا غموض وبالتالي فهي تفرض نفسها على جميع العقول، مثل: الكل أكبر من الجزء.
الشك: ويعني تعليق الحكم، أي وضع كل الأشياء موضع تساؤل وبحث لإثبات صحتها أو خطئها، ويمكن أن نميز فيه بين شك منهجي تكون غايته بلوغ الحقيقة كالشك الديكارتي، وشك مذهبي تكون غايته هو نفي الحقيقة فقط، بمعنى هو شك من أجل الشك فقط.
إشكال نص رونيه ديكارت
يمثل نص رونيه ديكارت الفلسفة وقواعد المنهج جوابا على إشكال مركزي والذي يمكن صياغته على الشكل التالي: ما هي الطريقة الصحيحة لبلوغ المعرفة اليقينية لجميع الأشياء؟ بمعنى آخر كيف يتم قيادة العقل لبلوغ اليقين؟.
أفكار نص رونيه ديكارت "الفلسفة وقواعد المنهج"
من خلال تحليلنا لنص رونيه ديكارت الفلسفة وقواعد المنهج ص 28، يمكننا الوقوف عند العديد من الأفكار التي شكلت بنية هذا النص، ومن أهم هذه الأفكار هو أنه ينبهنا في البداية إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام التي لم تستمد من العقل، بمعنى ينبغي أن نكون حذرين في ذلك، فمعرفة حقيقة جميع الأشياء رهينة بامتلاك طريقة أو منهج، هذا المنهج أو الطريقة هو الكفيل بحماية الذات وصيانتها من الوقوع في الخطأ أثناء عملية بناء المعرفة، لأنه قد درس في حاثة سنه مجموعة من العلوم من بينها الفلسفة والرياضيات، وبعد اختباره لهذه العلوم استبعد المنطق لأنه من وجهة نظره لا يفيد في تعلم الأشياء بل هو فقط يساعد على شرح ما نعرفه،وانطلاقا من ذلك استنبط أربع قواعد منطقية لحسن قيادة العقل وهي:
- قاعدة البداهة أو الشك: ومعناها أن أضح كل الأفكار والأحكام والقضايا موضع شك، ولا أقبل أية فكرة أو قضية ما لم تبدو بديهية، بمعنى واضحة ومتميزة في الذهن.
- قاعدة التحليل والتقسيم: ومعناها أنه ينبغي أن أقسم القضية إلى أبسط أجزائها، وبعدها أعمل على تحليل كل جزء لوحده حتى يسهل علي الوصول إلى حل نهائي للقضية ككل.
- قعدة التركيب والترتيب: وتعني أنه يجب أن أرتب أجزاء القضية وعناصرها، فأبدأ بأبسط عناصرها وأتدرج في الصعود شيئا فشيئا حتى أصل إلى معرفة أكثر الأمور تعقيدا، من أجل حل القضية على أحسن وجه.
- قاعدة المراجعة والإحصاء: ومعناها القيام بمراجعات وإحصاءات عامة، من أجل التأكد من كوني لم أغفل أي شيء على الإطلاق.
أطروحة نص رونيه ديكارت (الفكرة العامة)
يؤكد الفرنسي رونيه ديكارت على أن المنهج الذي يمكن من خلاله بلوغ المعرفة اليقينية، هو المنهج العقلي القائم على الشك والبداهة، التقسيم والتحليل، التركيب والترتيب، المراجعة والإحصاء، كقواعد منطقية صارمة قادرة على قيادة العقل نحو اليقين، وهكذا فبلوغ الحقيقة اليقينية رهين بتسلح العقل بهذه القواعد المنهجية الأربع، فهي الكفيلة بأن لا يسقط في الخطأ، وهكذا كان ديكارت مؤسسا للفلسفة الحديثة بلا منازع.
البنية الحجاجية لنص الفرنسي رونيه ديكارت
اعتمد ديكارت في هذا النص على أسلوب التمثيل من أجل توضيح فكرته عن المنهج وتصويرها حسيا، ويمثل هذا الأسلوب ربط علاقة بين حدين (لفظين) في مجال معين بحدين ينتميان لمجال آخر مخالف للأول، فعندما نعود إلى النص في الفقرة الأولى نجده يتحدث عن رجل يسير في الظلام، وكي لا يسقط عليه اتخاذ الحيطة والحذر، فالحيطة والحذر هنا يقصد بها الشك في كل الأفكار الغير الواضحة، أما السقوط فهو يحيل على الخطأ، ثم إن الرجل هو الفيلسوف والظلمة هي الأفكار المتداولة والمقصود بالسير هو المنهج، وإذا تمعنا في هذه المصطلحات فإننا نجد بأن ديكارت حول أن يصور حسيا (الرجل، السير، الظلمة، الحيطة، السقوط) ما هو مجرد (الفيلسوف، الأفكار المتداولة، الشك، المنهج، الخطأ).
اقرأ المزيد