رواية عالم صوفي الفلسفة ما قبل سقراط -إعداد سلمى إعزى-
![]() |
الفلسفة ما قبل سقراط |
الفلسفة لغة هي كلمة مشتقة من فيلوسوفيا وتعني محبة الحكمة، وتنقيمسن إلى قسمين: فيلو وتعني المحبة، وسوفيا وتعني الحكمة أو المعرفة، والجمع بين الكلمتين فيلوسوفيا يعطي محبة الحكمة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة، فالفلسفة نمط من المعرفة منطلقة من الدهشة والسؤال، وغايتها البحث عن الحقيقة وأساسه الاستدلال المنطقي والعقلي، إنها علم شامل لجميع الموضوعات وبحث في أصل الأشياء، غايتها النهائية كشف الحقيقة لذاتها وليس لغيرها، وبما أن الفلسفة تفكر في الوجود الإنساني سواء الفردي أو الجماعي، تفكر في المعرفة العلمية وغير العلمية، إنها معرفة خاصة تجعل الوجود البشري في العالم وموضوعاتها وتحول النتائج إلى قضايا للتفكير.
محتويات الموضوع
- الفلسفة ما قبل سقراط -إعداد سلمى -
- الفلاسفة الطبيعيين.
- الفلسفة والأسطورة.
- الفلاسفة والحكمة.
- المدرسة السوفسطائية والديمقراطية في أثينا.
الفلاسفة الطبيعيين
إن الفلسفة ظهرت في بلاد اليونان في بداية القرن السادس قبل الميلاد، في مستعمرة قديمة لآسيا الصغرى مع طاليس ومجموعة من المفكرين الذين لم يهتموا بالأحداث والمظاهر، لكن توجه اهتمامهم إلى المبادئ الكامنة وراء مختلف الظواهر والأشياء، فقد اندهشوا من التغير الذي يطرأ في الطبيعة، بداية من طاليس الذي اعتبر أن الماء هو أصل الكون، ومن بعده انكسمندر الذي يقول "بأن كل شيء يخلق يجب أن يكون مختلفا عن خالقه"، وانكسمانس الذي يرد على طاليس ويقول من أين أتى الماء؟، وكان يعتقد بأن الهواء والضباب هو أصل كل الأشياء، هؤلاء الفلاسفة الثلاثة كانت أسئلتهم مقتصرة على البحث عن المبدأ الأول أو المادة الأولية التي تقف وراء تشكل الكون، لكن بارمينيدس يرى أن كل ما هو موجود فقد وجد منذ الأزل ويلاحظ تغييرا في الطبيعة مع الاحتيار بين الحواس أم العقل، فالحواس بالنسبة له لا تعطي إلا صورة كاذبة عن العالم، صورة لا توافق طبيعة الكون، ويؤمن بأن العقل هو مصدر كل المعرفة.
شاهد أيضا
أما هيرقليطس فإنه يؤمن بفعالية الحواس وبذلك يخالف بارمينيدس فهو يعتقد أن كل شيء يتغير شكله باستمرار، وهو من جاء بكلمة اللوغوس بدلا من مصطلح الله، ويعني أن وراء كل هذه التحولات يوجد وجود واحد وهو اللوغوس، (الله)، ومن هنا يتدخل انبدوقليس ليخرج الفلاسفة من المأزق ويقول أن كلاهما على حق، وسبب الخلط القائم هو الافتراض الذي انطلق منه الفلاسفة، وهو اعتبار مادة واحدة هي أصل كل شيء، ويفسر ذلك بأن بارمينيدس على حق فالماء النقي يظل نقيا، فلا شيء يتغير، ويؤمن أيضا مع هيرقليطس في ثقته بالحواس، فعلينا أن نصدق ما نراه في الطبيعة فهي في حالة تغير مستمر، وهنا يستنتج أنبادوقليس أن تمتلك عناصر أساسية وهي (الماء، الهواء، التربة، النار).
أما أنكساغوراس فهو لا يتفق لا مع طاليس ولا مع أنبادوقليس، فهو يرى أن الطبيعة مكونة من جزيئات يمكن للعين المجردة رؤيتها، ويطلق عليها البذور أو الحبوب، وأن لها قوة في شكل الزهور...، ويمكن ان تنقسم غلى أجزاء أصغر، فهو كان مغرما بعلم الفلك، ويؤيد مقولة أن كل الأجسام سماوية مكونة من مادة الأرض، بعد أن فحص حجرا نيزكيا، وهؤلاء الفلاسفة أطلقوا عليهم الفلاسفة الطبيعيون، نظرا لاهتمامهم بالبحث في الطبيعة، وإيجاد المبدأ الأول دون الرجوع إلى الأساطير التي كانت عامل من العوامل لظهور الحكمة التي لم تنحصر في اليونان وحدها بل سبقتها إلى ذلك شعوب أخرى من قبيل الصين والهند التي بالالهة والاساطير.
الفلسفة والأسطورة
إن الأسطورة التي كانت قبل الفلسفة، كان موضوعها هو الآلهة التي كانت تحاول أن تفسر الظواهر الطبيعية والإنسانية والتي كانت مليئة بالحكايات الشعبية والخرافات التي لا علاقة لها بالواقع، وكان يتم تداولها بشكل شفوي وتميزت بتعدد الآلهة وضعف الإنسان أما قوى غيبية، واعتمدت على الحكي والسرد، وطوال الاف السنين عرف العالم ازدهارا في التفسيرات الأسطورية، إلى أن جاءوا فلاسفة الإغريق، أي الفلاسفة الطبيعيون، وحاولوا البرهنة أنه على البشر ألا يثق في هذه الآساطير.
وآخر الفلاسفة الطبيعيون هو ديمقريطس الذي أكد على وجود ذرات تفكك وتتجمع في الطبيعة وغير قابلة للتجزئة، إلا أن العلم قد برهن مع الأيام بأن الذرة قابلة للتجزئة (الإلكترون، البروتون...)، ولا يوجد أي حركة للذرات بل ما يوجد في الطبيعة يتم بطريقة ميكانيكية، وأن الأمور لا تتم بالصدفة وإنما خاضعة لقوانين (الذرة،الفراغ)، ويقول ديمقريطس إننا نرى الأشياء بسبب ذرات والفراغ وأن الروح إنما مؤلفة من بضع ذرات وعند الموت تهرب، ويقول أن الروح ليست خالدة، ويقول في هرقليطس أنه يعتقد أن كل الأشياء تجري في الطبيعة، لكن وراء هذا أجسام متغيرة باستمرار وجود عنصر لا يجري وهو ما يسميه ديمقريطس الذرة، "الذرات مادة وحيدة تحول العالم وتطرء تغيرا على مستوى الطبيعة".
الفلاسفة والحكمة
إن الفلاسفة اعتبرو أنفسهم حكماء، وممتلكون للحكمة إلى أن جاء فيتاغورس الذي احتج بأن الرجل الحكيم لا وجود له، وأن الحكمة تحظى بها الآلهة وحدها، واعتبر نفسه محبا للحكمة ولم يعتبر نفسه حكيما، الحكمة عند فيثاغورس هي بحث عن الحقيقة وليس امتلاك لها، لأن الحكمة أداة للسيطرة والسلطة والعنف، فالفلسفة تسعى غلى جعلها موضوعا للتفكير، ويقول ديوجين اللايرتي، إن لفظ الفلسفة من خلق فيثاغورس، فهو أول من أطلق على نفسه إسم فيلسوف، فدراسة الحكمة هي المعرفة الكاملة لكل ما يستطيع الإنسان أن يعرفه، إما لتدبير حياته أو لحف صحته، أو لاكتشاف الفنون جميعا، فالفلاسفة الطبيعيون كانوا سابقا علماء الفزياء وبها احتلوا مكانا مهما في تاريخ العلوم.
المدرسة السوفسطائية والديمقراطية في أثينا
في أثينا تحولت الدراسة من الطبيعة لدراسة الإنسان وموقعه في المجتمع، شيئا فشيئا بدأ نوع من الديمقراطية يرى النور، وقد كان شرط إقامة الديمقراطية هو أن يكون الشعب قادر على المساهمة في المشروع الديمقراطي، وكان من الضروري إتقان فن الحوار، وبذلك ظهرت موجة من الأساتذة الذين أطلقوا على أنفسهم السوفسطائيين، وقد اهتموا بالإنسان وموقعه في المجتمع، ومنهم جورجياس، بروتاغوراس، وهيبياس، وكانت مهارتهم هي التلاعب بالكلمات والألفاظ، ويمررون المغالطات فسيطرون على العقول التي لا تعرف التفكير المنطقي بمعنى العقول البعيدة عن المنطق، فغاية المدرسة السفسطائية هي تزييف الحقيقة، فالسفسطائيين هم فريق من المعلمين الذين يعلمون الناس أسلوب الإقناع، فهم ليسوا فلاسفة حقيقيين وإنما هم خبراء في فن القول والإقناع، وقد انصبت كل اهتماماتهم على السيطرة على العقول، لذلك ظهر سقراط الذي يملك تفكيرا عقليا ومنطقيا، كان كمان همه مواجهة السفسطائيين وإبطال حججهم.
العمل من إعداد التلميذة سلمى إعزى من رواية عالم صوفي
اقرأ المزيد