تحليل شامل وواضح لأهم أدوات وآليات فعل التفلسف
![]() |
أدوات فعل التفلسف |
"إن بناء الخطاب الفلسفي عامة، يستند إلى العديد من الأدوات والوسائل، فلا يمكن أن يقوم البناء الفلسفي إلا باعتماد هذه الآليات، فلا يجب على الفيلسوف أن يكتفي بعرض تصوراته الفلسفية بشكل مجرد وعشوائي، وإنما عليه اعتماد عدة وسائل وآليات تساعده في بناء موقفه الفلسفي وإقناع الأخرين به، ومن بين الآليات التي يمكن اعتمادها في بناء الخطاب الفلسفي نجد: الدهشة،الشك، السؤال، الحجاج، النقد، المفهوم، النسقية،" وهي ما سنتوقف عنده في هذا الموضوع، وللإشارة أن هذا المقال مهم جدا بالنسبة للتلاميذ الذين تعرفوا حديثا عن الفلسفة، من قبيل تلاميذ الجدع المشترك، لأن هذا الموضوع يمثل إجابة على أحد المحاور ضمن برنامج مادة الفلسفة وهو المحور الثالث بعنوان منطق الفلسفة، ضمن كتاب في رحاب الفلسفة وكتاب منار الفلسفة.
محتويات الموضوع
- تحليل شامل وواضح لأهم أدوات وآليات فعل التفلسف.
- الدهشة من أدوات فعل التفلسف.
- الشك المنهجي من آليات فعل التفلسف.
- التساؤل المستمر من أدوات فعل التفلسف.
- إبداع المفاهيم من أدوات فعل التفلسف.
- الحجاج كألية لفعل التفلسف.
- علاقة الفلسفة بباقي أنماط التفكير الأخرى.
- تلخيص أدوات فعل التفلسف.
الدهشة من آليات فعل التفلسف
من المعلوم أن هناك بداية تاريخية للفلسفة، فعندما ظهرت في اليونان في القرن السادس قبل الميلاد، فقد كنمط جديد من التفكير، يهتم بالنظر في الموجودات، وعلى نفس منوال البداية التاريخية، هناك بداية نظرية للفلسفة، تمثل الدهشة التي تتولد عنها التساؤلات الجدرية منطلقا لتلك البداية، لأن الوعي الإنساني يعبر عن يقظته اتجاه محيطه بالاندهاش، فالدهشة تدل على أن الوعي الإنسان ل يقبل بوضوح الأمور وبداهتها، فعندما نبحث عن أصول العلم والفلسفة والفن نجدها في الاندهاش أمام أسرار وخبايا الكون، فهي التي تقودنا إلى طرح التساؤلات حول ذاتنا أولا وحول العالم ثانيا، فجهل الانسان بالأسباب والقوانين التي تقف خلف الظواهر، هو الذي يولد لديه تلك الدهشة.
وهكذا، فالفلسفة تبدأ حينما يندهش الفكر من ذاته أولا ومن العالم ثانيا، فالدهشة بهذا المعنى هي المحرك الأول لفعل التفلسف، وهي أصل الفلسفة كما ذكر أفلاطون، وفي نفس السياق يقول أرسطو "إن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف"، إلا أن هناك أنواع من الدهشة (العامية، العلمية، الفلسفية)، فالدهشة الفلسفية كما تمثلها آرثر شوبنهاور هي دهشة ترتبط بما هو مألوف واعتيادي، فالفيلسوف لا يتعجب من الأشياء الخارقة أو النادرة، وإنما يتعجب مما هو اعتيادي يسكننا وكأنه بديهيات (الموت، بؤس الحياة، الألم، اللذة...).
فاندهاش الفيلسوف أمام المألوف والاعتيادي هو محاولة منه لتعرية سذاجة تصورنا للمحيط، سعيا نحو البحث عن معنى لوجودنا في هذا العالم، وهكذا تصبح الدهشة خاصية إنسانية تميزه عن الحيوان، فالدهشية عملية مصاحبة للتفكير، فاندهاش الفكر، من ذاته (كما فعل ديكارت) ومن العالم (كما فعل طاليس)، إذن يمثل البداية النظرية للفلسفة.
وكما أشرنا سابقا أن الدهشة أنواع منها الفلسفية والعامية والعلمية، فالدهشة العامية ترتبط بعامة الناس ويكون الاندهاش حينها من الأشياء الخارقة للعادة، لأن المحرك فيها ليس هو الفكر وإنما هو الخوف، في حين أن الدهشة العلمية ترتبط بفئة خاصة من الناس تسمى العلماء، ويكون الإندهاش عندهم من الظواهر النادرة والمختارة، والذي يحرك هذا النوع من الدهشة هو السعي خلف فهم وتفسير الظواهر، وفي الأخير الدهشة الفلسفية والتي ترتبط بالفيلسوف الذي يندهش من الوقائع الاعتيادية والمألوفة، والغاية منها هو البحث عن معنى للوجود الإنسان ومعرفة حقيقة العالم، فالدهشة تصبح فلسفية عندما تعبر عن نفسها في تساؤلات، متجاوزة بذلك حالة التأثر والانفعال كحالة أولية للدهشة.
شاهد أيضا
الشك المنهجي من آليات فعل التفلسف
يعرف الشك Le Doute، بأنه تعليق للحكم وجعل كل الأشياء موضع تساؤل وبحث لإثبات صحتها أو خطئها، ويمثل الشك عنصرا هاما في فعل التفلسف، فالتفكير الفلسفي يشك في البداهات اليومية ويرفض الأجوبة الجاهزة والمعارف التي تقدم ذاتها كمعارف مطلقة ونهائية، فإذا كان الشك على ذلك الحال، فإنه لا يمثل في واقع الأمر سوى الخطوة الأولى نحو بلوغ الحقيقة، لذلك سمي بالشك المنهجي، هذا النوع من الشك هو الذي طبع التفكير الفلسفي عبر جميع محطاته التاريخية، فرغم اختلاف التوجهات الفكرية للفلاسفة، فقد اتخذوا من الشك المنهجي أسلوبا لتطهير العقل من الأحكام الجاهزة والمسبقة، ومن سلطان العادة وبلادة التقليد الأعمى في التصرف والتعامل مع الأشياء، وتمثل كتابات الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت (1650،1596)، نموذجا حيا لذلك الأسلوب الفلسفي المتميز، الذي مارسه على ثقافة عصره، والتي هيمن عليها الفكر الكنسي الإقطاعي.
يقول ديكارت "على المرء أن يشك ولو مرة واحدة في حياته"، من خلال ذلك يعلن ديكارت أن سبيل الانسان المفكر إلى بلوغ الحقيقة اليقينية هو اعتماده الشك كآلية من آليات فعل التفلسف، وعن طريق الشك توصل ديكارت إلى الكوجيطو "أنا أفكر، أنا موجود"، وتتلخص عملية الشك عند ديكارت في مثال سلة التفاح، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك نوع آخر من الشك وهو الشك المذهبي غايته الشك فقط، فهو شك من أجل الشك، بل هو شك يسعى إلى هدم ونفي الحقائق وليس من أجل إثباتها، وليس هو الشك المقصود هنا بل المقصود هو الشك المنهجي الذي يقود إلى بناء الحقيقة.
وعلى نفس المنوال الذي يسير فيه ديكارت، نجد الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (1561،1626) في كتاب له بعنوان الأرغانون الجديد، يدعو إلى تطهير العقل وصقله، وذلك عبر تخليصه من الأوهام الأربعة التي تتحكم فيه وتوجهه، وعلى رأسها "وهم المسرح" والذي يرمز إلى استعبادنا من طرف الآخرين الذي يفكرون بدلا عنا، وهو ما يفعله الممثل المسرحي أمام الجمهور المتفرج، وهذا أمر غير مقبول في الممارسة الفلسفية النقدية.
التساؤل المستمر من أدوات فعل التفلسف
إن الشهرة التي تعرفها الفلسفة مقترنة باشتهارها بطرحها للأسئلة، لكن على ماذا يحيل السؤال؟ يحيل السؤال عامة على جملة استفهامية تتضمن أداة استفهام وموضوع الاستفهام تسعى نحو طلب المعرفة حول قضية أو موضوع معين، ويعرفه جميل صليبا في المعجم الفلسفي فيقول: "هو استدعاء المعرفة أو ما يؤدي إليها"، وسؤال المعرفة قد يكون أحيانا من أجل الاستفهام والاستعلام، وأحيانا أخرى من أجل التعريف والتبيين، يمكن اعتبار السؤال كلام ناقص كما يقول موريس بلانشي، لكنه يكتمل عندما يفصح عن نقصه.
يعتبر التساؤل Questionnement من أهم وأبرز ادوات فعل التفلسف، فالتساؤل هو الذي يمنح التفكير طابعا إشكاليا Problématique، والسؤال الفلسفي ليس كباقي الأسئلة العادية ولا حتى العلمية، فالسؤال العادي مثلا نطرحه عندما نرغب في معرفة شيء أو أمر مجهول بالنسبة لنا، من قبيل أين توجد المحطة؟، هذا السؤال العادي نود من خلاله معرفة مكان المحطة الذي نجهله، ودائما ما يتوج هذا السؤال بجواب قطعي ونهائي، من قبيل "إنها هناك"، في حين أن السؤال الفلسفي هو عبارة عن تساؤل، والتساؤل لا يكون إلا بعد وجود معرفة ما تدعي الإكتمال، وحينها يبدأ الفيلسوف بالشك في صدقها وفحصها، استنادا إلى سلسلة من الأسئلة المتدرجة في العمق، إن أن يقترب من بلوغ حقيقة تلك المعرفة، بمعنى يقترب من الكشف عن صدقها أو زيفها.
وهكذا، فالسؤال الفلسفي هو سؤال جدري، بمعنى سؤال عميق لا يهتم بظاهر الأشياء ولا يقف عند حدود السطح، بل يتجه نحو مبادئ الأشياء وأصولها، وبذلك فالسؤال الفلسفي هو الكفيل بتحرير الإنسان من الموقف الساذج DOXA، الذي يستغرف في القضايا أو يندمج فيها، وهذا الاندماج لا يسمح بإعادة النظر في الأفكار ورؤية الواقع على نحو جيد.
هناك اختلاف جدري بين السؤال الفلسفي والسؤال العادي، فالسؤال الفلسفي يرتبط عضويا بالمعرفة ويسعى إليها، بمعى أنه يتوجه إلى الفرد الذي يدعي المعرفة، ويمثل الحوار الأفلاطوني نموذجا حيا على ذلك، فقد كان سقراط يهدف إلى تحطيم البداهات حول قضايا محددة، من قبيل الفضيلة، العدالة، الشجاعة، العلم...، متبعا في ذلك أسلوبا متميزا يسمى أسلوب التوليد، وبهذا الأسلوب النقدي التساؤلي، كان يكشف جهل محاوريه، وعدم امتلاكهم للمعرفة كما يدعون، فما كانوا يملكون من وجهة نظر سقراط سوى وهما لا ينفذ إلى أعماق الأشياء.
كما يختلف السؤال الفلسفي عن السؤال العادي بكونه سلسلة من الأسئلة وليس مجرد سؤال مباشر، فالأسئلة في الفلسفة أكثر أهمية من الأجوبة، كما جاء على لسان كارل ياسبرز، بل كل جواب فيها يصبح بدوره سؤالا جديدا، فالفيلسوف لا يقف عن سؤال واحد حول موضوع ما، بل يعيد طرح السؤال بصيغ متعددة، لكي يصبح تساؤلا عميقا حول قضية كبرى، خلافا للسؤال العادي: أين توجد المحطة؟، إضافة إلى ذلك، فالتساؤل يتميز بالعمومية والشمولية، فعندما نطرح مثلا سؤال ما الإنسان؟ فإننا لا نقصد شخصا أو فردا بعينه، بل المقصود هو الإنسان بصفة عامة أينما حل وارتحل، وبالتالي فالسؤال الفلسفي سؤال تجريدي، يتجاوز المحسوس، وتؤطره مفاهيم ومقولات تختلف من فيلسوف لآخر.
وينقسم السؤال الفلسفي إلى قسمين: الأول هو سؤال الماهية، وهو سؤال يستهدف تحديد الخصائص المميزة للشيء، وغالبا ما يطرح هذا السؤال استعانة بأداة الاستفهام "ما"، أن النوع الثاني فهو سؤال الوجود، من خلال نتساءل حول ما إذا كان الشيء موجودا أو معدوما، ويندرج تحته طلب معرفة العلة أو الغاية من الوجود، ويستعان في طرحه بأداة الاستفهام "هل،لم"، فالسؤال الفلسفي سؤال يرتبط بالمفاهيم والشك، وهو سؤال كلي لا يتعلق بالأفراد ولا يرتبط بالزمان أو المكان أو الحال، ففي غياب هذه الحيثيات والشروط لا يمكن أن نتحدث عن سؤال فلسفي.
بناء وإبداع المفاهيم من آليات فعل التفلسف
يمثل بناء المفاهيم من مقومات فعل التفلسف، فمن أجل أن يخبرنا الفيلسوف بفكرة ما ويقنعنا بها، فهو في أمس الحاجة إلى مفاهيم تساعده على ذلك، بمعنى هو في حاجة إلى انتقاء المفاهية بعناية حتى لا يحدث خلط بين تصوره وتصورات أخرى، وحتى يتميز بتصوره عليه إبداع تلك المفاهيم وبنائها بناء خاصا، فانطلاقا من ابداع الفيلسوف للمفاهيم، تخرج اللغة من مستواها الطبيعي العادي إلى مستوى فلسفي مجرد، فالمفاهيم التي يخلقها ويبدعها الفيلسوف، هي مفاهيم خاصة به تحمل دلالات ومعاني تصوراته ومواقفه.
وبالتالي، لا يمكن طرح الأفكار والمواقف بشكل حر عندما يتعلق الأمر بالفلسفة، وإنما الأفكار في الفلسفة هي عبارة عن تصورات واضحة ومواقف متكاملة، لا تبرز دلالتها إلا من خلال التعبير عنها من خلال اعتماد مفاهيم فلسفية منظمة، لذلك نجد الفيلسوف الفرنسي المعاصر جيل دولوز (1925،1995) يحدد مهمة الفلسفة في إبداع مفاهيم جديدة، بل يجعل من ذلك موضوعها الأسمى.
الحجاج كآلية من آليات فعل التفلسف
إن الجواب الفلسفي هو عبارة عن خطاب، وهو خطاب لا يمكن أن يكون مقنعا بمضامينه المعرفية والمنهجية، إلا إذا كان مدعما ببراهين وحجج، وعلى خلاف باقي الخطابات، يعتبر الخطاب الفلسفي خطابا حجاجيا بامتياز،لكن بأي معنى يمكن أن يكون الخطاب الفلسفي كذلك؟ لا يمكن مطلقا أن نجد نصا فلسفيا خال من الحجاج، لأن الحجاج هو الذي يمنح الخطاب الفلسفي قيمته، فالحجاج تتحدد بكونها مجموعة من الطرق الخطابية الموظفة من أجل التأكيد والإقرار بموقف معين وإقناع الآخرين بذلك الموقف، وقد نجد اختلافا للحجج من فيلسوف لآخر، ذلك راجع لاختلاف الطرق المتبعة في التبليغ والإقناع، وراجع كذلك إلى اختلاف المنطلقات والمرجعيات الفكرية لكل واحد منهم.
فالحجاج فلسفيا يحيل على البرهنة والاستدلال على صدق قضية ما أو كذبها، وقد يبدو أن هناك تداخل بين البرهان والحجج، في حين أن البرهان يرتبط بالرياضيات كحقل معرفي، ويعني البرهان في الرياضيات ذلك الاستدلال العقلي الذي نستنبط من خلاله صحة وصدق قضية رياضية ما، انطلاقا من قضايا رياضية صادقة صدقا منطقيا (مقدمات)، لكن البرهنة في مجال الفلسفة تتميز بطابع خاص، لأن هناك اختلاف بين الفلسفة والعلم، فالفلسفة لا تقدم قضايا يحكم عليها بالصدق أو الخطأ خارخ ساقاتها (تاريخية، اجتماعية،...)، بل تقدم أطروحات ومواقف غير مصاغة صوريا كقضايا الرياضيات والمنطق، ولا يمكن فهمها خارج الشروط التي ولدتها.
وهكذا، تكون المحاجة L'Argumentation هي الشكل الملائم للبرهنة الفلسفية، فالحجاج لا يؤسس حقائق معينة كما هو الشأن في العلم، بل يسعى إلى تأسيس اعتقاد أو قناعة بمجموعة من الحقائق لدى المتلقي، وهكذا، يبقى الحجاج مرتبطا بالمتلقي الذي يتوجه إليه (المعتقد مثلا)، فلا يستطيع الفيلسوف أن يقنع أحد ما إلا عند الإنطلاق من معتقداته وعواطفه، ويستعمل الفيلسوف في عملية الاقناع هذه كل الأساليب المنطقية البرهانية منها والبلاغية، من أمثلة واستعارة وكناية ومجاز...، فالغاية الأسمى من الحجاج، هو تحقيق إجماع بين العقول أو مضاعفة هذا الإجماع حول مواقف معينة.
باختصار، الحجاج نوعان، حجج بلاغية لغوية ترتبط عموما بالأساليب الإنشائية، ثم حجج منطقية برهانية ترتبط بالخطاب الفلسفي وهذا هو موضوع حديثنا، ولاستخراج الأسلوب الحجاجي من النص يجب الانضباط لثلاث عناصر أساسية وهي: نوع الحجة، موقعها أو مؤشرها داخل النص، ثم في الأخير، وهي الأهم، وظيفتها أي الغاية من توظيف الحجة، وفيما يأتي بعض أنواع الحجج:
- حجة التعريف: يلجأ فيها الفيلسوف إلى تعريف مفهوم معين.
- حجة الاستفهام: ومؤشرها هو طرح السؤال من أجل الاستفهام حول قضية ما أو مفهوم ما.
- حجة العرض: نجد الفيلسوف يعرض أطروحته من خلال الوصف والتحليل.
- حجة التفسير: يلجأ إليها الفيلسوف بغرض شرح أطروحته وتفسيرها من خلال تقديم مؤشرات متعددة.
- حجة المقارنة: يبين من خلالها الفيلسوف أوجه الاختلاف والتشابه بين قضيتين من أجل استخلاص فكرة معينة.
- حجة المثال: يلجأ الفيلسوف إلى المثال من أجل التوضيح وتقريب المعنى وإعطاء الفكرة بعدا واقعيا أحيانا.
- حجة الاستنتاج: نلمسها عندما نجد الفيلسوف يستخلص فكرة ما من مقدمات سابقة.
- حجة الاحصاء والجرد: يلجأ الفيلسوف إلى عملية التصنيف والترتيب لقواعد أو أفكار معينة (قواعد المنهج الديكارتي مثلا).
- حجة الاستشهاد: يستند من خلالها الفيلسوف إلى إلى نصوص من الوحي (القرآن والسنة مثلا).
- حجة الافتراض: تكون عبارة عن تكهن وتخمين كأن يقول الفيلسوف لنفترض أن الفلسفة علما موضوعيا.
- حجة السلطة المعرفية: وهي عندما يستند الفيلسوف إلى أقوال فلسفية أو علمية ... من أجل تحليل أو شرح قضية ما.
- حجة الدحض أو التفنيد: نلمسها عندما نجد الفيلسوف يكشف عن لامعقولية فكرة ما وتناقضها المنطقي.
- حجة التقابل: وهي عندما يقيم الفيلسوف علاقة تقابل بين شيئين أو قضيتين بينهما علاقة تضاد أو تضمن أو داخل.
- حجة الاستقراء: وهي عبارة عن استنتاج لقضية ما من خلال الانتقال مما هو خاص (جزئي) نحو ما هو عام (كلي).
- حجة الاستنباط: من خلال نثبت قضية ما من خلال الانتقال من ما هو عام (كلي) نحو ما هو خاص (جزئي).
- حجة الاستدلال أو القياس العقلي: حيث نجد الفيلسوف يستنتج فكرة أو قضية ما من قضية أخرى عامة توجد في المقدمة.
- حجة البرهان بالخلف: نجد من خلالها الفيلسوف يدافع عن موقفه مرورا عبر إثبات خطأ الموقف المعارض له.
- حجة الاستلزام الشرطي (الشرط): يعمل الفيلسوف على إثبات قضية ما من خلال شرط منطقي يمثل جزءا من ماهية هذه القضية ولا يمكن فصلها عنه.
- حجة الترجيح: ونجد الفيلسوف هنا يضع القارئ أما اختيارين يجب الأخذ بأحدهما.
- حجة التوجيه الإلزامي: وتكون على صيغة الأمر من قبيل إعلم أن الحق يؤخذ ولا يعطى.
- حجة الإتصال الرمزي: بحيث تكون هناك علاقة مشاركة بين الرامز والمرموز له من قبيل رمز الصليب يدل على المسيحية.
إن الأفكار الفلسفية إذن، لا تستمد قيمتها من ذاتها، بل من التبريرات والحجج العقلية التي نوظفها بالتدريج في استخلاص تلك الأفكار، وهذه هي أهم وأغلب الأساليب الحجاجية واللغوية التي يمكن للفيلسوف أن يستند إليها في إقناعنا بأطروحاته وتصوراته الفلسفية، ولكي نتمكن من فهم واستيعاب الكتابات الفلسفية ينبغي أن نكون ملمين بهذه الأدوات.
علاقة الفلسفة بباقي أنماط التفكير الأخرى
إن القول بأن هذه أدوات لفعل التفلسف، ليس معناه أن لا توجد ضمن باقي أنماط التفكير الأخرى، بل الأمر ممكن، لأن الفلسفة هي شكل من الأشكال الثقافية الأخرى، من آداب وعلوم، إلا أن التفكير لا يصبح تفكيرا فلسفيا، إلا عندما يضع الأفكار الجاهزة والسائدة، موضع شك وتساؤل، بهدف إعادة النظر فيها والبحث في قيمتها، فالشك والتساؤل هما منطلق التفكير الفلسفي، فعندما تفقد الأمور بداهتها أمام الإنسان، فتكون موضع شك فتتولد الأسئلة حولها، حينها يبدأ التفلسف.
إذا غاب التساؤل والشك في الممارسة الفكرية، فإن الأفكار ستحافظ على يقينها المطلق، لكن ليس الشك والتساؤل غاية في ذاتهما، فلا ينبغي أن نشك أو نطرح التساؤلات من أجل ذلك فقط، لأن ينفي قدرتنا على إدراك الحقيقة، بل هما (الشك والتساؤل) وسيلة للتشكيك في الأفكار وزعزعة القناعات، انطلاقا من الشك يبدأ الفكر في الاستقلال خطوة بخطوة عن ما أصبح لديه مألوفا بفعل العادة.
تلخيص أدوات فعل التفلسف
انطلاقا مما سبق، يبدو أن فعل التفلسف لا يخرج عن هذه الأدوات والآليات التي يعتمدا كل فيلسوف في فعل التفلسف، بحيث يكون فعل التفلسف كدهشة في البداية متبوعة بنوع من الشك المنهجي الذي يقود إلى تساؤلات ذات صبغة خاصة، فيبني حينها الفيلسوف تصورا فلسفيا حول موضوع ما استنادا إلى مفاهيم من إبداعه الخاص، وليقنعنا بذلك التصور يستند إلى مجموعة من الأساليب الحجاجية، هذه أهم أدوات فعل التفلسف، وللإشارة هي ضمن برنامج مادة الفلسفة للجدع المشترك، وذلك ضمن محور أدوات فعل التفلسف من مجزوءة الفلسفة.
اقرأ المزيد