أفضل تحليل شامل لنص الرغبة والابتهاج لرونيه ديكارت

أفضل تحليل شامل لنص الرغبة والابتهاج لرونيه ديكارت

أفضل تحليل شامل لنص الرغبة والابتهاج لرونيه ديكارت

تحليل محور الرغبة والسعادة نص الرغبة والابتهاج لديكارت من كتاب في رحاب الفلسفة الأولى بكالوريا
الرغبة والابتهاج



يمثل هذا الموضوع أفضل تحليل شامل لمحور الرغبة والسعادة، وفي نفس الوقت أشمل تحليل لنص الرغبة والابتهاج لرونيه ديكارت، الذي يمثل موضوع التحليل في المحور الثالث من مفهوم الرغبة، ضمن كتاب في رحاب الفلسفة للأولى بكالوريا، ففي هذا الموضوع لن ننكب مباشرة على تحليل النص المذكور، بل في البداية سنحاول تقديم مدخل عام للمحور، وبعدها تحليل أفكار ومفاهيم النص وحجاجه، ثم تأتي مرحلة مناقشة أطروحة النص من خلال الوقوف عند موقف كل من ابن مسكويه والفارابي وغيرهم، لكن لا بد من الإشارة هنا عزيزي التلميذ، بأن هذا التحليل هو فقط للإستئناس، بمعنى أنه لا يغني عن الدروس التي يقدمها الأستاذ في حجرة الدرس، وفيما يأتي التحليل الشامل للمحور.

محتويات الموضوع

  1. أفضل تحليل شامل لنص الرغبة والابتهاج لرونيه ديكارت.
  2. مدخل عام لمحور الرغبة والسعادة.
  3. تحليل نص الرغبة والابتهاج ص 38.
  4. البنية المفاهيمية لنص الرغبة والابتهاج ص 38.
  5. أطروحة النص.
  6. تحليل أفكار النص وحجاجه.
  7. مناقشة أطروحة رونيه ديكارت.
  8. أطروحة أبيقور حول الرغبة والسعادة.
  9. أطروحة أحمد ابن مسكوية حول الرغبة والسعادة.
  10. ملخص لمحور الرغبة والسعادة.

مدخل عام لمحور الرغبة والسعادة

إن الرغبة Le Désir هي نوع من الميل نحو موضوع ما نفتقر إليه، قد يكون هذا الموضوع واقعيا وقد يكون متخيلا، يترتب عن امتلاكه من طرف الفرد مصدرا للذة والمتعة، في حين أن السعادة في دلالتها اللغوية هي اسم لفعل سعج يسعد سعدا أو سعادة، والسعادة تحيل على الخير، وتشير إلى معنيين: معنى مادي يربط السعادة بما هو محسوس بحيث تتمثل السعادة في تحقيق الإرضاء بالنسبة للذات، ثم معنى عقلي يرتبط بالتدبير، أما على المستوى الفلسفي، فالسعادة هي حالة إرضاء تام للذات، يتميز بالقوة والثبات، وبالتالي فالسعادة ليست هي اللذة لأن اللذة لحظية، كما أنها ليست هي الفرحة، لكون الفرحة تتميز بالحركية، وبالتالي هل يمكن القول أن الانسان عندما يمتلك الموضوع الذي يرغب فيه يحقق حينها السعادة؟ بمعى آخر هل إشباع الرغبات أساس لتحقيق السعادة المطلوبة من طرف الانسان؟ أم أن السعادة لا يمكن أن تتحقق إلا في غياب هذا الإشباع؟.


تحليل نص الرغبة والابتهاج ص38

رونيه ديكارت (1576 - 1650) فيلسوف وعالم رياضيات فرنسي، يمثل الأب الروحي للفلسفة للحديثة، من أبرز مؤلفاته: "مقال في المنهج"، "تأملات ميثافيزيقة"، "انفعالات النفس"، وهذا الكتاب الأخير هو الكتاب الذي اقتطف منه نص الرغبة والابتهاج الذي جاء في الصفحة 38، ضمن كتاب مادة الفلسفة للأولى بكالوريا في رحاب الفلسفة ضمن محور الرغبة والسعادة من مجزوءة ما الإنسان.

البنية المفاهيمية لنص الرغبة والابتهاج ص38

إن الرغبة كميل ونزوع نحو موضوع معين، حسب النص، تتعدد بتعدد موضوعاتها، ويمثل الحب من أقوى الرغبات التي تولد البهجة لدى الإنسان، وتحيل البهجة على مستوى عالي من الفرح والسرور الذي نصل إليه عندما نمتلك موضوعا مبهجا، ويمثل الحب الخير الأعظم الذي يمنحنا السعادة القصوى.

شاهد أيضا


أطروحة النص

يؤكد ديكارت على أن رغبات الانسان متعددة ومتناقضة في نفس الآن، وذلك بسبب تعدد موضوعاتها، لكن بالرغم من ذلك، يوجد ضمن هذه الرغبات ما يمنح الإنسان شعورا وإحساسا عظيما بما يبهج في هذه الحياة، وأسمى مستويات هذا الإحساس هو الحب، فعاطفة الحب كرغبة متولدة عن الابتهاج، هي ما يمكن أن يبعث السعادة في حياة الإنسان، ومن خلال ذلك يمكن القول أن هناك علاقة تلاؤم ووحدة بين الرغبة والسعادة.

تحليل أفكار النص وحجاجه

لتوضيح اطروحته هذه، قدم صاحب النص مجموعة من الأفكار التي شكلت الهيكل اللغوي والاستدلالي لأطروحته، استهلها بأسلوب التمييز بين الرغبات، موضحا بذلك أن الرغبات تتعدد وتتنوع بتعدد وتنوع الغايات والموضوعات، ولكي يكون الأمر اكثر وضوحا قدم أمثلة على هذه الرغبات المتناقضة، فالرغبة في المعرفة ليست هي الرغبة في الانتقام مثلا، لكن أعظم الرغبات في نظره هي تلك التي تولدها البهجة La Joie، على اعتبار هذه الأخيرة هي أسمى وأفضل القيم الأخلاقية.

لكن البهجة كذلك ليست واحدة بل متنوعة، وبالتالي تتنوع الرغبات الناتجة عنها، ومن هنا لجأ من جديد إلى أسلوب المثال من أجل أن يوضح أن قوة الرغبة المتولدة عن تنوع البهجة، فالبهجة التي يولدها جمال الازهار ليست هي البهجة التي يولدها جمال الفاكهة، فالأولى تدفعنا إلى النظر إليها، والثانية إلى أكلها، لكن في نظر ديكارت ان الابتهاج الحقيقي هو الذي يأتي من شخص نجد فيه ما نفتقده من كمالات، ما يبهجنا في ذلك الشخص هو كمالات لا توجد في شخص آخر، وبالتالي نميل إليه وكأنه ذاتنا الأخرى، التي بامتلاكنا إياها وكأننا امتلكنا الخير الأعظم، وليس هذا الاحساس في واقع الأمر سوى عاطفة الحب، وبالتالي نجد ديكارت هنا قد لجأ إلى حجة الواقع.

لكن لا يجب أن نغفل أسلوب الاستفهام الذي اعتمده ديكارت عندما تساءل عن الرغبة المتولدة عن البهجة، والذي يسعى من خلاله إلى توضيح أن البهجة مرتبطة بما يوجد في الطبيعة من مصادر للذة والمتعة.


مناقشة أطروحة رونيه ديكارت

مادامت فلسفة ديكارت فلسفة عقلانية، ذلك ما يوضحه الكوجيطو الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود"، فكثيرا ما كان ديكارت يؤكد على أن الفكر كاف لإثبات الوجود حتى لو غاب الجسد، يبقى هذا القول صحيحا انطلاقا من تعريفه لماهية الإنسان، فلا يمكن أن تتشكل هذه الماهية إلا انطلاقا من الفكر، فإذا لم يكن الأمر كذلك أصبح الإنسان حيوانا، لكن هذا لا يعني فلسفة ديكارت لا ترتبط بالجسد (رغبات، أهواء، انفعالات، ميولات)، فوجود الانسان كفرد داخل الجماعة لا ينفصل عن تلك المحددات الجسدية (رغبات، أهواء، انفعالات، ميولات)، بل يمكن فصله عن البهجة كخير أسمى يولد لدى الانسان عاطفة الحب، حبه لكمالات الآخر وميله نحو امتلاك تلك الكمالات.

لكي نفهم هذا التصور الديكارتييجب أن نربطه بالحب والتقدير الذي كان يكنه للأميرة إليزابيت، بحيث مثل اتصاله بالأميرة مصدر الهام فلسفي جديد، بمعنى تدشين مرحلة جديدة في حياته، فقد كانت الأميرة تشاركه أحزانها وآلامها بكل صدق واخلاص، وبالتالي كان ديكارت يبحث عن سبل علاج الحالة النفسية للأميرة، من أجل أن يبعث في نفسها الطمأنينة ويسعدها ويسعد غيرها من النفوس، وهو يحلل انفعالات الأميرة النفسية، لاحظ أنه لا سبيل لتحرير النفس من الانفعالات السيئة إلا عن طريق قوة النفس الأصيلة، والتي تمثل البهجة والأمل والاستبشار من علامات تلك القوة.


أطروحة أبيقور حول الرغبة والسعادة

انطلاقا مما سبق يبدو أن ديكارت حاول أن ينسج خيوطا رفيعة بين الرغبة والسعادة، إلا أن ما جاء به لم يرقى إلى مستوى التصور المادي لتلك العلاقة، الذي قدمه الفيلسوف اليوناني أبيقور من خلال كتابه "رسالة إلى مينيسي"، فأبيقور يرى أن اللذة أو المتعة التي نحققها من إشباع الرغبات تمثل بداية للحياة السعيدة وغاياتها، فاللذة هي المنطلق في تحديد ما ينبغي اختياره أو تجنبه، فاللذة هي الخير الأسمى، وبالتالي لا نبحث عن شيء آخر بعدها، بل نتنازل أحيانا عن بعض اللذات لما يترتب عنها من آلم وإزعاج، بل أكثر من ذلك، أحيانا نختار الألم الشديد بدلا من اللذة، إذا كان ذلك الألم بعد مدة يسمح بتحقيق لذة أعظم (اقلاع ضرس)، وبالتالي فكل لذة هي الأصل خيرا، وكل ألم كذلك شر، فالسعادة بما هي هدوء وطمأنينة للنفس، لا تتحقق إلا عند غياب الألم والاضطراب.

أطروحة أحمد بن مسكويه حول الرغبة والسعادة

إن التصور المادي والحسي لعلاقة الرغبة بسعادة الانسان، لم يقبل من طرف الفلاسفة المسلمين، ففي كتاب "تهديب الأخلاق ونطهير الأعراق" ينتقد ابن مسكويه ذلك التصور الذي يحصر السعادة في اللذة البدنية، وهذا الأمر في نظره يخص العامة والرعاع، لأن النفس شريفة وهم جعلوا منها عبدا لخدمة النفس الشهوانية (المأكل، المشرب...)، فاللذة التي يشرفها ابن مسكويه ويعلى من شأنها هي اللذة العقلية، فهي لذة شريفة يختص بها الإنسان وحده، وذلك ما أكد عليه باقي الفلاسفة المسلمين، منهم أبو نصر الفارابي في كتابه "تحصيل السعادة"، يفضل اللذة العقلية كخير مطلق، لأنها تطلب لذاتها باعتبارها غاية، وليست من أجل شيء آخر، ونفس الشيء عند فخر الدين الرازي في كتابه "النفس والروح"، حيث يؤكد فيه على أن السعادة الحقيقية تكمن فيما يملكه المرء من علوم ومعارف وأخلاق فاضلة، وليس في الاشباع المادي والحسي للرغبة.


ملخص لمحور الرغبة والسعادة

يتبين مما سبق أن للرغبة أهمية ودور في تحصيل السعادة، لكنها غير كافية في تحصيلها بمعناها الفلسفي، بما هي حالة إرضاء تام للذات يتسم بالقوة والثبات، فالسعادة المنشودة لا تقف عند حدود إشباع وتحقيق جميع رغبات الجسد، لأن الإنسان ليس جسدا بيولوجيا فحسب، بل هو جسم وروح وعقل وفرد داخل جماعة، فهو إذن كائن متعدد الأبعاد (جسدية، عقلية، نفسية، ثقافية)، وبالتالي يجب النظر إليه من خلال التداخل والتكامل بين هذه الأبعاد، فكل إهمال لبعد من هذه الأبعاد، من شأنه أن يؤدي بنا إلى بناء تصور ناقص للسعادة.

اقرأ المزيد


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-